الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم -جعلنا الله وإياك من الذي يستمعون القول فيتبعون أحسنه- أن من عرف القول الراجح في مسألة معينة، فليس له أن يفتي بخلافه، سواء كان المخالف للراجح مذهب إمامه أم إمام الشخص المستفتي، إلا أن يكون المستفتي يسأل عن مذهب إمام معين -كالشافعي- مثلًا، قال ابن القيم في إعلام الموقعين عن رب العالمين: فإن سئل عن مذهب ذلك الإمام، لم يكن له أن يخبره بغيره إلا على وجه الإضافة إليه، وإن سئل عن حكم الله من غير أن يقصد السائل قول فقيه معين، فها هنا يجب عليه الإفتاء بما هو راجح عنده، وأقرب إلى الكتاب والسنة من مذهب إمامه، أو مذهب من خالفه، لا يسعه غير ذلك.
وأما لو سئل عن مسألة يعرف أقوال العلماء فيها، ولكنه لا يستطيع الترجيح بينها، فإن له أن يذكر للسائل تلك الأقوال دون ترجيح، قال في إعلام الموقعين: فإن كان يعرف في المسألة ما قاله الناس، ولم يتبين له الصواب من أقوالهم، فله أن يذكر له ذلك، فيقول: فيها اختلاف بين العلماء، ويحكيه إن أمكنه للسائل. وانظر الفتوى رقم: 5583.
والله أعلم.