الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا علمت، أو غلب على ظنك أن أصحاب المكاتب قد أذنوا بالأخذ من الحلوى، ولا يمنعون ذلك، فلا حرج عليك في الأكل منها، فقد قال سبحانه: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ {النور: 61 }.
قال المحلي: المعنى يجوز الأكل من بيوت من ذكر، وإن لم يحضروا، إذا علم رضاهم به بصريح اللفظ، أو بالقرينة، وإن كانت ضعيفة، وخصوا هؤلاء بالذكر؛ لأن العادة جارية بالتبسط بينهم. اهـ. من فتح البيان.
وفي الفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي: (وسئل) بما لفظه: هل جواز الأخذ بعلم الرضا من كل شيء، أم مخصوص بطعام الضيافة؟
(فأجاب) بقوله: الذي دل عليه كلامهم أنه غير مخصوص بذلك، وصرحوا بأن غلبة الظن كالعلم في ذلك؛ وحينئذ فمتى غلب ظنه أن المالك يسمح له بأخذ شيء معين من ماله، جاز له أخذه، ثم إن بان خلاف ظنه، لزمه ضمانه، وإلا فلا. اهـ.
وأما إذا لم يُعلم، أو يَغلب على الظن رضاهم بذلك: فإن الأصل أنه لا يجوز أخذ مال أحد إلا بطيب نفس منه، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده، قال: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا سليمان بن بلال، عن سهيل بن أبي صالح، عن عبد الرحمن بن سعيد، عن أبي حميد الساعدي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرئ أن يأخذ مال أخيه بغير حقه. وذلك لما حرم الله مال المسلم على المسلم.
وقال عبيد بن أبي قرة: حدثنا سليمان، حدثني سهيل، حدثني عبد الرحمن بن سعيد، عن أبي حميد الساعدي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل للرجل أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسه. وذلك لشدة ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مال المسلم على المسلم. وأخرجه ابن حبان في صحيحه.
والله أعلم.