الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تعارض بين الحديثين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما أنكر على القائل وهو بلال ـ رضي الله عنه ـ قطعه بأن هذه المرأة قد استراحت، وهو لا يعلم هل غفر لها أم لا؟ وأما الحديث الثاني: فقد أفاد أن المؤمن يستريح بالموت، وغيره يكون الموت في حقه عناء وشقاء، ولا شك أن هذا لا يتعارض مع ما تقدم، وقد بين صاحب الفتح الرباني وجه غضب النبي صلى الله عليه وسلم من قول بلال المذكور فقال ما عبارته: إنما غضب النبي صلى الله عليه وسلم من قول بلال: ماتت فلانة واستراحت ـ لأن ما كل من مات استراح، فقد يكون الموت شقاء على صاحبه إذا كان مفرطا فيما أوجبه الله عليه، ولأن مصير الإنسان لا يعلمه إلا الله مهما كان صالحا إلا من دخلها فعلا، أو علم دخوله بوحي من الله عز وجل، وكذا يقال في المغفرة، أما من لم يعلم حاله فأمره مفوض إلى الله عز وجل، ولا يجوز التكهن بمصيره. انتهى.
والحاصل أنه لا يصح القطع لمعين ـ سوى من نص الوحي عليه ـ بأنه مات واستراح, وأما القول بأن الميت إما مستريح وإما مستراح منه على جهة العموم لا التعيين، فحق لا شك فيه.
والله أعلم.