الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننبه على أن دين الميت يجب أن يقضى من تركته قبل قسم الميراث، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 21998.
وأما بخصوص سؤالك: ففيه عدة مسائل متشعبة، وبعضها متداخل لذلك، فالأولى أن تشافهي به أهل العلم ليكون الجواب أكثر دقة، وعلى كل فسنعطيك معلومات عامة نلخصها لك في الأمور التالية:
الأول: أن في صحة هبة الزوج بيت الزوجية لزوجته خلاف بين أهل العلم، وراجعي في ذلك الفتويين رقم: 311014، ورقم: 115455.
والثاني: أن الوالد مطالب بالعدل بين أولاده في الهبة، فإن لم يفعل، فقد اختلف أهل العمل في حكمه، وفي نفاذ هبته. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 149661.
الثالث: أن هبة الوالد لولده إن كانت بغير عوض، فمن حقه أن يرجع فيها، ما دامت باقية على حالها، ولم تفت أو يتعلق بها حق للغير، وراجعي في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 65302، 135413، 140788.
وعلى ذلك، فاسترجاع والدك للأرض التي وهبك إياها: استرجاع صحيح، يثبت له بها ملك الأرض، فإن مات والحالة هذه فهي من جملة تركته، ويتعلق بها حق جميع الورثة.
الرابع: إذا كان مرض والدك هو مرض الموت، وهو الذي يخشى منه الهلاك غالبا، ويتصل بموت صاحبه بالفعل، كما يمكن فهمه من قول السائلة: بمرض عضال... وحين شعر بدنو الأجل ـ جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء في تعريف مرض الموت اصطلاحا، ولكنهم متفقون على أن يكون المرض مخوفا: أي يغلب الهلاك منه عادة أو يكثر، وأن يتصل المرض بالموت، سواء وقع الموت بسببه أم بسبب آخر خارجي عن المرض، كقتل أو غرق أو حريق أو غير ذلك. اهـ.
فإذا كان كذلك، فالهبة في مرض الموت تأخذ حكم الوصية، فلا تجوز لوارث، ولا بأكثر من ثلث ماله إلا أن يجيز ذلك الورثة، قال ابن قدامة في المغني: وحكم العطايا في مرض الموت المخوف حكم الوصية في خمسة أشياء أحدها أن يقف نفوذها على خروجها من الثلث أو إجازة الورثة، الثاني أنها لا تصح لوارث إلا بإجازة بقية الورثة....
الخامس: أن الورثة إذا اختلفوا في أمر القسمة، فينبغي رفع أمرهم للقضاء الشرعي، لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف، وأمر التركات وسائر الحقوق المشتركة، أمر شائك، يحتاج إلى النظر والتحقيق في الأمور الخفية لإيصال الحقوق لذويها وراجعي الفتويين رقم: 47439، ورقم: 75311.
والله أعلم.