الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما تكرار الفاتحة ونحوها لأجل تحصيل الخشوع، فقد بينا حكمه في الفتوى رقم: 172067، وبينا حكم إعادة الصلاة لأجل ترك الخشوع، في الفتوى رقم: 136409.
وأما قطع الفريضة بعد الشروع فيها، فلا يجوز؛ لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد:33}.
ونفيك أن يكون هذا وسواسا، محل شك، فإذا كان هذا الأمر يكثر منك -كما ذكرت- فيخشى أن يكون وسوسة، فعليك أن تعرض عنه، ولا تبالي به.
وأما ما فهمته من الحديث، من أن نقص الخشوع لازم لكل أحد، فليس صحيحا، بل من الناس من يصلي صلاة تامة الخشوع؛ فتكتب له كلها، وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم بيان أن هذا حال كثير من المصلين، لا كلهم.
قال المناوي في فيض القدير، في الكلام على هذا الحديث: قال العراقي: إسناده صحيح، ولفظ رواية النسائي: إن الرجل يصلي ولعله أن لا يكون له من صلاته إلا عشرها، أو تسعها، أو ثمنها، أو سبعها، حتى انتهى إلى آخر العدد. وفي رواية له أيضا: منكم من يصلي الصلاة كاملة، ومنكم من يصلي النصف، والثلث، والربع، حتى بلغ العشر.
قال الحافظ الزين العراقي: رجاله رجال الصحيح، وسبب الحديث كما في رواية أحمد: أن عمار بن ياسر صلى صلاة فأخف بها، فقيل له: يا أبا اليقظان خففت، فقال: هل رأيتموني نقصت من حدودها شيئا، قالوا: لا، قال: قد بادرت سهو الشيطان؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، فذكره. انتهى.
فتبين من روايات الحديث الأخرى، أن من الناس من يكتب له أجر صلاته تاما، وهو من لم ينقص من خشوعها، وحدودها شيئا.
والله أعلم.