الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم التفرقة بين أولاد البهائم الصغار، وأمهاتها، قبل الاستغناء عنها.
جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل: قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْأَلْغَازِ: فَإِنْ قُلْتُ رَجُلٌ لَهُ شَاتَانِ، لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ وَاحِدَةٍ، وَيَتْرُكُ الْأُخْرَى؟ قُلْت: هَذِهِ شَاةٌ وَابْنَتُهَا صَغِيرَةٌ مَعَهَا، فَلَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا؛ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْبَهَائِمِ وَأَوْلَادِهَا مِثْلُ أَوْلَادِ بَنِي آدَمَ... وَأَنَّ حَدَّ التَّفْرِقَةِ أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْ آبَائِهِ بِالرَّعْيِ... وَقَالَ الْفَاكِهَانِيّ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَعُمُّ الْعُقَلَاءَ وَغَيْرَهُمْ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي غَيْرِ الْعُقَلَاء. اهـ.
والحديث المشار إليه هو: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدَةِ وَوَلَدِهَا، فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه التِّرْمِذِيُّ وقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وفي رواية: لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ عَنْ وَلَدِهَا.
وذهب بعضهم إلى جواز التفرقة في البهائم خاصة.
قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَالتَّفْرِقَةُ جَائِزَةٌ فِي الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ، عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. اهـ.
وعقب الحطاب على هذه الأقوال بقوله: التَّفْرِقَةَ تَعْذِيبٌ لَهَا (الأم) فَهُوَ مِن النَّهْيِ عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ. اهـ.
وعليه؛ فلا يجوز التفرقة بين القطة وصغارها؛ لما فيه من تعذيب الأم.
والله أعلم.