الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الغسل المسؤول عنه مجزئ صحيح، فأما على قول من يرى طهورية الماء المستعمل، فالأمر واضح، وأما من يرى أنه يسلب الطهورية، فإن يسيره مما يتساقط في الإناء المغترف منه معفو عنه، قال الموفق ـ رحمه الله ـ في المغني: وإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ فِي الْمَاءِ مَاءً مُسْتَعْمَلًا عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ، قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: قُلْت لِأَحْمَدَ الرَّجُلُ يَتَوَضَّأُ فَيَنْتَضِحُ مِنْ وَضُوئِهِ فِي إنَائِهِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ، وَنَحْوُهُ عَنْ الْحَسَنِ، وَهَذَا ظَاهِرُ حَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَضَّؤونَ مِنْ الْأَقْدَاحِ وَالْأَتْوَارِ، وَيَغْتَسِلُونَ مِن الْجِفَانِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَغْتَسِلُ هُوَ وَمَيْمُونَةُ مِنْ جَفْنَةٍ فِيهَا أَثَرُ الْعَجِينِ، وَاغْتَسَلَ هُوَ وَعَائِشَةُ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِيهِمَا فِيهِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: أَبْقِ لِي ـ ومثل هذا لا يسلم من رشاش يقع في الماء. انتهى.
والله أعلم.