الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فكما ذكرت, فإن محبة الخير للمسلمين، من كمال الإيمان, وعدمها، من نقص الإيمان, وقد سبق تفصيل هذا الأمر في الفتوى رقم: 200533.
فمن لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير، كان مقصرًا فيما يجب عليه من الإيمان، مرتكبًا شيئًا محرمًا، يستحق عليه العقاب، وهذه المسألة سهلة على القلب السليم، عسيرة على القلب المريض بداء الغش, أو الحسد, أو نحو ذلك من أمراض القلوب، جاء في شرح النووي صحيح مسلم: والمراد: يحب لأخيه من الطاعات، والأشياء المباحات، ويدل عليه ما جاء في رواية النسائي في هذا الحديث: حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه.
قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: وهذا قد يعد من الصعب الممتنع، وليس كذلك؛ إذ معناه: لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام مثل ما يحب لنفسه، والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذلك من جهة لا يزاحمه فيها، بحيث لا تنقص النعمة على أخيه، شيئًا من النعمة عليه، وذلك سهل على القلب السليم، وانما يعسر على القلب الدغل -عافانا الله، وإخواننا أجمعين-. والله أعلم. انتهى.
وقال الحافظ ابن رجب في فتح الباري: لمَّا نفى النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان عمن لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه، دل على أن ذلك من خصال الإيمان، بل من واجباته، فإن الإيمان لا يُنفَى إلا بانتفاء بعض واجباته، كما قال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي، وَهُوَ مُؤْمِنٌ) الحديث، وإنما يحب الرجل لأخيه ما يحب لنفسه، إذا سلم من الحسد والغل، والغش والحقد، وذلك واجب. انتهى.
والله أعلم.