الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالراجح عندنا أنّ المعتبر في الأيمان النية، فإن عدمت النية، فالمرجع حينئذ إلى سبب اليمين، وما هيّجها، وإذا عدم سبب اليمين، فالمرجع إلى ظاهر اللفظ.
قال ابن قدامة الحنبلي -رحمه الله-: فإن عدمت النية، رجع إلى سبب اليمين وما هيجها، فيقوم مقام نيته لدلالته عليها، فإن عدم ذلك، حملت يمينه على ظاهر لفظه. عمدة الفقه.
فإن كنت نويت بيمينك (تحريمك لها) منعها من الخروج من البيت مطلقاً، فقد حنثت بخروجها مع جارتها، وإن كنت نويت منعها من الخروج مدة معينة، فلا تحنث بخروجها بعد تلك المدة، أو نويت منعها من الخروج على وجه معين، كخروجها بغير إذنك، أو خروجها لجهة معينة، أو نحو ذلك، فلا تحنث بخروجها على وجه آخر، ولو كان لفظ اليمين مطلقاً، وذلك لأنّ النية في اليمين تخصص العام، وتقيد المطلق.
قال ابن قدامة (رحمه الله): وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له، .......،
والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها، أن ينوي بالعام الخاص، .......ومنها، أن يحلف على فعل شيء، أو تركه مطلقا، وينوي فعله، أو تركه في وقت بعينه..... " المغني لابن قدامة.
فإن لم تكن لك نية حين تلفظت باليمين، فالمرجع إلى السبب الباعث على اليمين، فإن كان سبب اليمين يقتضي منعها في وقت دون وقت، أو لغرض دون غرض، فيمينك مقيدة بالسبب، فلا تحنث بخروجها على صفة لا يقتضيها سبب اليمين.
فإذا حنثت في يمينك، فالذي يترتب على حنثك يختلف باختلاف قصدك بالتحريم، فإن نويت به ظهاراً، كان ظهاراً، وإن نويت طلاقاً، كان طلاقاً؛ وإن نويت اليمين، أو لم تنو شيئاً معيناً، فهي يمين تكفرّها بإطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، وانظر الفتوى رقم: 14259.
وما دام في المسألة تفصيل حسب نيتك، فالذي ننصح به أن تعرض المسألة على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم وورعهم.
والله أعلم.