الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن الزنا من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر، والزواج له شروط، وأركان، لا يصحّ شرعاً بدونها. لكن مهما عظم الذنب، فإن من سعة رحمة الله، وعظيم كرمه، أنه يقبل التوبة، بل إن الله يفرح بتوبة العبد، ويحب التوابين، ويبدل سيئاتهم حسنات.
والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، مع الستر على النفس، وعدم المجاهرة بالذنب. فاحرص على تحقيق التوبة الصادقة، والإنابة الخالصة إلى الله تعالى، فالحمد لله الذي منَّ عليك بالهداية، والرجوع إلى رشدك، والانتباه من غفلتك قبل أن يبغتك الأجل، فتلك نعمة عظيمة من الله تعالى.
وبخصوص سؤالك: فالذي نراه أنه لا داعي الآن للخوض في المسائل المذكورة في السؤال؛ نظرا لتشعب الخلاف في بعضها، وتعدد الاحتمالات، وعلاقتك بهذه المرأة قد انتهت حسب ما تقول، والذي يهم في الموضوع هو صحة نسبة الولد.
وعليه؛ فنقول: إن الولد لاحق نسبه بك، ولا إشكال في ذلك حتى عند من لا يصحح هذا النكاح، أو لا يرى الرجعة بالجماع بغير نية. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا، مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ، أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ ....: فَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْهَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ، وَيَتَوَارَثَانِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. الفتاوى الكبرى.
وقال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-: لكن على هذا القول، لو أنه جامعها بغير نية الرجوع، وأتت بولد من هذا الجماع، فهل يكون ولداً له؟
الجواب: نعم، يكون ولداً له؛ لأن هذا الوطء وطء شبهة؛ لأنها زوجته، ولم تخرج من عدتها. الشرح الممتع على زاد المستقنع.
والله أعلم.