الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما تركه والدك من ميراث، فهو حق لجميع ورثته، حسب أنصبتهم الشرعية، ولا حقّ لأحدهم في الانفراد بشيء من التركة قبل القسمة، أو أخذ زيادة على نصيبه، إلا إذا رضي باقي الورثة بذلك عن طيب نفس، حال كونهم بالغين رشداء.
فالواجب تقسيم تركة الوالد على فرائض الله، وإذا حصل تنازع في ذلك، فمرده إلى المحكمة الشرعية للفصل فيه.
وأمّا كتابتك وصية بتوزيع أموالك على زوجتك، وبناتك بعد موتك، فلا تصح، ولا تفيد شيئا، إلّا أن يجيزها جميع الورثة حال كونهم بالغين رشداء؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه أبو داود، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تجوز وصية لوارث، إلا أن يشاء الورثة. رواه الدارقطني. وانظر الفتوى رقم: 223720والسبل المشروعة لحماية المال من اعتداء المعتدين كثيرة.
والواجب عليكم أن تكونوا إخوة متآلفين، غير متدابرين، ولا تقطعوا أرحامكم، فقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم حتى لمن يقطعها، فعَنْ عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. صحيح البخاري. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ، وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ، وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ، وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ، مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ. صحيح مسلم. تسفهم المل: تطعمهم الرماد الحار.
وينبغي أن يسعى الصالحون من الأقارب، أو غيرهم، في الإصلاح بين أخيكم، وأختكم؛ فإن ذلك من أفضل الأعمال عند الله، فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ، وَالصَّدَقَةِ. قَالُوا: بَلَى. قَالَ: إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ. رواه أبو داود.
والله أعلم.