الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك صلاح الحال وتيسير الأمور، ثم اعلمي وفقك الله أن الذنوب هي أصل كل مصيبة تصيب الإنسان في هذه الدنيا، كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}.
فحسنا قلت حين نسبت ما يحصل من سوء خلق زوجك معك أحيانا إلى ذنوبك، وقد وضعت يدك على الداء وعرفت الدواء، فجاهدي نفسك، واستعيني بالله تعالى، واعلمي أنه سبحانه لا يخيب من استعان به ولاذ بجنابه، وأنه لا يرد من وقف ببابه، فأقبلي على ربك، وجاهدي نفسك لتحقيق التوبة النصوح من جميع هذه الذنوب، وثقي بالمعونة من الله عز وجل مصداق قوله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت:69}.
وإذا تقربت إلى الله شبرا تقرب الله إليك ذراعا، وإذا تقربت إليه ذراعا تقرب إليك باعا، وإذا أتيته تمشين أتاك سبحانه هرولة، فلا تملي المجاهدة ولا يتسربن إلى نفسك اليأس من التوبة، فهذا كله من تلبيس الشيطان ومكره، بل اعزمي عزما أكيدا، وأقدمي مصممة، ولا تتواني، ولا تترددي في التوبة النصوح، واعلمي أن باب التوبة مفتوح لا يغلق في وجه أحد حتى تطلع الشمس من مغربها، واستعيني على التوبة بصحبة الأخيار ولزوم الذكر والدعاء، وأنت إذا تبت من ذنوبك رجعت كمن لم يذنب، كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.
وإذا شعرت بتحسن الأحوال، فالزمي عتبة العبودية ودرب الاستقامة ولا تنحرفي عنه، واعلمي أن من رحمة الله بك أن قدر عليك بعض هذا البلاء؛ ليردك إليه، ويعينك على الرجوع إلى طاعته وابتغاء مرضاته، نسأل الله أن يرزقنا وإياك توبة نصوحا.
والله أعلم.