الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما فعلته من إنكار أخذ المال من أمّك، وإخبارك إخوتك أنّك تنفق عليها من مالك الخاص، فهو غير جائز؛ لما فيه من الكذب، ومخالفة أمر الوالدة، والتشبع بما لم تعط، وإيذاء الوالدة بإظهارها كاذبة أمام أولادها، وإشعارها بالمنة منك.
وإذا كانت الوالدة تأذت بهذا الأمر تأذيًا شديدًا، فقد وقعت في العقوق الذي هو من الكبائر، قال الهيتمي:.. كَمَا يُعْلَمُ مِنْ ضَابِطِ الْعُقُوقِ الَّذِي هُوَ كَبِيرَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا إيذَاءٌ لَيْسَ بِالْهَيِّنِ، أَيْ عُرْفًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمُتَأَذِّي.
وراجع الفتوى رقم: 76303.
ولكنّ نرجو أن لا تؤاخذ بما تسببت فيه من إغضاب والدتك، وكسر خاطرها، ما دمت غير قاصد له، كما أن باب التوبة مفتوح، ومهما عظم الذنب فلا يعظم على عفو الله، وكرمه، فاجتهد في التوبة إلى الله، وتدارك ما فاتك من بر أمّك، وذلك بالدعاء، والاستغفار لها، والصدقة عنها، وقضاء دينها، وصلة الرحم من جهتها، وإكرام أصدقائها، قال النووي -رحمه الله-:... ولكن ينبغي له بعد الندم على ذلك، أن يُكثر من الاستغفار لهما، والدعاء، وأن يتصدق عنهما إن أمكن، وأن يكرم من كانا يحبان إِكرامَه: من صديق لهما، ونحوه، وأن يصلَ رَحِمَهما، وأن يقضي دَيْنهما، أو ما تيسر له من ذلك.
وانظر الفتوى رقم: 18806.
والله أعلم.