الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في صلاة التراويح بإمامين يصلي أحدهما بعضا منها، ويصلي الآخر بعضا، وهو من عمل السلف الصالح، كما روى الإمام مالك في الموطأ: عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، قَالَ: وَقَدْ كَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِينَ، حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ عَلَى الْعِصِيِّ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَّا فِي فُرُوعِ الْفَجْرِ. اهـ
وينبغي للإمام الثاني أن يقرأ من حيث انتهى الأول، كما جاء في المنتقى شرح الموطأ للباجي، قال: قَوْلُهُ أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ ـ يَعْنِي أَنْ يَؤُمَّاهُمْ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ يُصَلِّي بِهِمْ أُبَيٌّ مَا قَدَرَ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّي تَمِيمٌ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَقْرَأَ الثَّانِي مِنْ حَيْثُ انْتَهَى الْأَوَّلُ، لِأَنَّ الثَّانِيَ إنَّمَا هُوَ بَدَلٌ مِنْ الْأَوَّلِ وَنَائِبٌ عَنْهُ، وَلِأَنَّ الْقَارِئَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إنَّمَا يَقْصِدُ مَا يُوَافِقُ صَوْتَهُ وَيَحْسُنُ فِيهِ طَبْعُهُ وَذَلِكَ يُنَافِي الْخُشُوعَ، وَسُنَّةُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى التَّرْتِيبِ. اهـ
والله أعلم.