الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالتبرعات المذكورة إن كانت زائدة عن المبلغ المرصود لبناء المسجد ـ وهو 15 مليونًا ـ فلا علاقة للمقاول بها، وهي أمانة في يده.
وإذا كان العقد معه عقد استصناع بأن يبني المسجد وفق صفات محددة، وفي أجل معلوم مقابل 15 مليونًا، فهنا ليس له سوى المبلغ المتفق عليه، ولو تكلف في بناء المسجد أقل منه، فله الباقي، ولو تكلف أكثر، فهو يتحمل ذلك كما بينا في الفتوى رقم: 152509.
ومن ثم؛ فالتبرعات الزائدة عن المبلغ أمانة بيده، وعليه ردها إلى أصحابها، إلا إذا أذنوا له في صرفها في مسجد آخر، أو نحو ذلك، فليصرفها فيما حددوا.
وأما لو كان العقد معه هو أن يشرف على بناء المسجد، ويتابع عمله دون أن يتفق معه على أجرته، وإنما ذكر مبلغ ـ 15 مليونًا ـ على أساس التقدير والاحتياط فقط، فليس له أخذ ما زاد، ويستحق أجرة مثله فقط، وإذا فضل شيء سواء من المبلغ الأول، أم التبرعات الزائدة، فذلك يرد إلى المتبرعين، أو يستأذنون في كيفية صرفه.
وعليه؛ فهناك فرق بين أن يكون العقد استصناعًا، وقد اتفق مع المقاول على المبلغ المذكور مقابل بنائه، ودفع إليه المبلغ المحدد ليبني المسجد المعلوم الصفة، فما يحصل له بعد تكلفة بناء المسجد من الربح، فهو من حقه، وبين أن يكون المقاول وكيلًا غير متبرع في الإشراف والمتابعة على البناء، فليس له أخذ ما زاد عن تكلفة بناء المسجد من الخمسة عشر مليونًا، أو غيرها مما تم التبرع به زائدًا عنها، وإنما يستحق أجرة مثله فقط ما دام لم يتفق معه على أجرة معلومة، وانظر الفتوى رقم: 77130.
وللمزيد من الفائدة حول التصرف فيما زاد عن بناء المسجد من التبرعات تنظر الفتوى رقم: 12350.
والله أعلم.