الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن كانت أمك قادرة على الصيام ولو بعد حين، فالواجب عليها أن تقضي ما أفطرته من رمضان، ولا يسقط القضاء بالتقادم، وإنما يسقط عنها إذا عجزت عنه عجزا دائما، فإن كانت عاجزة عجزا دائما فالواجب عليها أن تطعم عن كل يوم مسكينا، ويجزئها ذلك، وإذا لم تكن تعلم عدد الأيام التي أفطرتها، فإنها تقضي ما تتيقن براءة ذمتها به، وقيل يكفي أن تقضي ما يغلب على ظنها براءة الذمة قولان لأهل العلم، والأول أحوط، قال الشيخ وهبة الزحيلي في كتابه الفقه الإسلامي: خامسًا: القضاء إن جهل عدد الفوائت، قال الحنفية: من عليه فوائت كثيرة لا يدري عددها، يجب عليه أن يقضي حتى يغلب على ظنه براءة ذمته... وقال المالكية، والشافعية، والحنابلة: يجب عليه أن يقضي حتى يتيقن براءة ذمته من الفروض... اهـ.
وقال محمود خطاب السبكي في كتابه الدين الخالص: فائدة: من فاتته فرائض لا يدري عددها، يلزمه القضاء حتى يغلب على ظنه براءة ذمته عند الحنفيين ومالك، وحتى يتيقن براءتها عند الشافعية والحنبلية. اهـ.
فإذا شكت هل أفطرت خمسة أيام مثلا أو عشرة أيام؟ فإنها تقضي عشرة أيام وهكذا، ويلزمها مع القضاء كفارة تأخير عن كل يوم أخرت قضاءه بدون عذر، مع علمها بتحريم تأخير القضاء، والكفارة مد من طعام، قال النووي: فلو أخر القضاء إلى رمضان آخَرَ بِلَا عُذْرٍ أَثِمَ وَلَزِمَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ، وَيَلْزَمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَضَاءُ رَمَضَانَ الْفَائِتِ، وَيَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ رَمَضَانَ الثَّانِي عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْفَائِتِ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ مع القضاء. اهـ.
وإن كان تأخير القضاء بسبب استمرار عذرها، أو كانتِ جاهلة بحرمة تأخير القضاء، فلا فدية عليها، قال ابن حجر المكي في تحفة المحتاج: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ أَخَّرَهُ لِنِسْيَانٍ أَوْ جَهْلٍ، فَلَا فِدْيَةَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ، وَمُرَادُهُ الْجَهْلُ بِحُرْمَةِ التَّأْخِيرِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لِلْعُلَمَاءِ لِخَفَاءِ ذَلِكَ. اهـ.
والله أعلم.