الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكون المرأة تنكح لمالها لا يدل على أنّ للزوج تسلطا على مال امرأته، بل لأمور أخرى كثيرة وأغراض متنوعة منها: إرثه فيها لو ماتت، ومنها: أن مالها مصيره لأولاده منها عادة، ومنها غير ذلك، جاء في شرح القسطلاني على صحيح البخاري: لأنها إذا كانت ذات مال قد لا تكلّفه في الإنفاق وغيره فوق طاقته، وقول المهلب: إن في الحديث دليلًا على أن للزوج الاستمتاع بمال زوجته، فإن طابت نفسها بذلك حل له، وإلاّ فله من ذلك قدر ما بذل لها من الصداق، تعقب بأنه ليس في الحديث ما ذكره من التفصيل ولم ينحصر قصده في الاستمتاع بمالها، فقد يقصد ترجي حصول ولد منها فيعود إليه مالها بالإرث، أو أن تستغني عنه بمالها عن مطالبته بما يحتاج إليه غيرها من النساء كما مر، وأما استدلال بعض المالكية به على أن للرجل أن يحجر على زوجته في مالها معلّلًا بأنه إنما تزوجها لمالها، فليس لها تفويته، ففيه نظر لا يخفى.
وعليه؛ فمال الزوجة حقّ خالص لها، والواجب على الزوج أن ينفق على امرأته ولو كانت غنية، وسواء كان مالها مكتسبا من الإرث أو غيره، أو كانت تعمل وتكسب من عملها مالاً، فراتب الزوجة كسائر مالها حق خالص لها، لا حقَّ لزوجها أو غيره في شيء منه، ما لم تطب نفسها به تبرعاً، إلا أن يكون الزوج قد اشترط للسماح لها بالخروج إلى العمل أن تعطيه قدراً من راتبها، فيلزمها الوفاء به، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 175721، والفتاوى المحال إليها فيها.
والله أعلم.