الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على أنّ طلاق الغضبان نافذ، ما لم يزل عقله بالكلية، أما إذا اشتد الغضب حتى سلب صاحبه الوعي، فصار كالمجنون، فطلاقه غير نافذ.
قال ابن القيم -رحمه الله-: "القسم الثاني" أن يبلغ به الغضب نهايته، بحيث ينغلق عليه باب العلم والإرادة، فلا يعلم ما يقول، ولا يريده، فهذا لا يتوجه خلاف في عدم وقوع طلاقه كما تقدم، والغضب غول العقل، فإذا اغتال الغضب عقله حتى لم يعلم ما يقول، فلا ريب أنه لا ينفذ شيء من أقواله في هذه الحالة. إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان.
فإن كان الحال كما تقول من اشتداد غضبك حتى تلفظت بالطلاق مغلوباً على عقلك، غير مدرك لما تقول، فطلاقك غير نافذ.
وننبهك إلى أنّ الغضب مفتاح الشر، فينبغي الحذر منه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِي، قَالَ: لَا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لَا تَغْضَبْ. رواه البخاري.
قال ابن رجب: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرّز منه جماع الخير. جامع العلوم والحكم.
والله أعلم.