الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز شراء ولا أكل اللحم الذي علمتم أنه غير حلال، ولا تبيح التسمية أكل اللحم المذبوح بغير الطريقة الشرعية، وإنما تفيد فيما جهل حاله عند الذكاة هل ذكر اسم الله عليه أم لا؟ فهذا يسمى الله عند أكله إن ذبحه مسلم، أو كتابي بالطريقة الشرعية. بدليل ما روى البخاري وغيره عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أذكروا اسْم اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: سَمُّوا الله، وَكُلُوه.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: وقال ابن التين: يحتمل أن يراد التسمية هنا عند الأكل، وبذلك جزم النووي.
قال ابن التين: وأما التسمية على ذبح تولاه غيرهم، فلا تكليف عليهم فيه، وإنما يحمل على غير الصحة إذا تبين خلافها، ويحتمل أن يريد أن تسميتكم الآن تستبيحون بها كل ما لم تعلموا أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ إذا كان الذابح ممن تصح ذبيحته إذا سمى. ويستفاد منه أن كل ما يوجد في أسواق المسلمين محمول على الصحة، وكذا ما ذبحه أعراب المسلمين؛ لأن الغالب أنهم عرفوا التسمية، وبهذا الأخير جزم ابن عبد البر. انتهى.
وقال ابن حزم في المحلى: وكل ما غاب عنا مما ذكاه مسلم فاسق، أو جاهل، أو كتابي، فحلال أكله؛ لما روينا من طريق البخاري نا محمد بن عبد الله هو أبو ثابت المديني - نا أسامة بن حفص، عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين: أن قوما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن قوما يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال عليه السلام: سموا الله أنتم وكلوا، قالت عائشة: وكانوا حديثي عهد بكفر. انتهى.
وتراجع الفتاوى التالية أرقامها: 62491، 42033، 129341.
والله أعلم.