الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعمل الواجب على موظفي التحويل في المستشفى والذي يأخذون مقابله أجرا هو تحويل المكالمات. وعليه، فالأطعمة المبذولة مجانا لأولئك الموظفين مقابل عملهم طلبا لمحاباتهم للمطعم، وإيثارهم إياه دون ما سواه من المطاعم، هو من هدايا العمال، والتي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم وقال: هدايا العمال غلول. أخرجه أحمد، وصححه الألباني.
وقد سئلت اللجنة الدائمة: نحن موظفون في جهة حكومية، وهذه الجهة متعاقدة مع شركة في توريد المحروقات، وقد عرضت الشركة علينا بعض الكروت ـ هدايا ـ بصفتنا همزة الوصل الرابطة بين الجهتين، فأجابت: لا يجوز أخذ هذه الهدايا من الشركات التي تتعاملون معها، لأنها من باب الرشوة، وهدايا العمال غلول. اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 75743.
وعليه، فيظهر أن عملك في تنسيق تلك الأطعمة المجانية لمن يحول المكالمات لا يجوز، لأن فيه إعانة على المحرم، ومن القواعد المقررة في الشرع أن الإعانة على معصية الله محرمة، لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
قال ابن تيمية: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما، لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وساقيها وشاربها وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء كالعاصر والحامل والساقي، إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالا محرما: كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة. اهـ.
فالواجب عليك الامتناع عن تنسيق المكالمات الخاصة بتلك الأطعمة التي تعطى مجانا لمن يحول المكالمات، وعليك نصح أصحاب المطعم، وإنكار صنيعهم هذا، والامتناع عن تنسيق تلك المكالمات خاصة، فإن لم تستطع ذلك، فالأولى لك والأسلم لدينك هو ترك العمل في هذا المطعم، والتماس عمل غيره، إن لم تكن بك ضرورة في المضي في العمل بهذا المطعم.
وأما ما يتعلق براتب عملك في المطعم: فلا يظهر أنه محرم عليك، مادام أساس عملك وغالبه هو في المباح، والعمل المحرم يسير عارض، وليس له راتب مخصوص، لا سيما ما أخذته سابقا وأنت جاهل بحرمة هذا العمل، وثق ثقة تامة أنك إن تركت شيئا ابتغاء رضوان الله، فسيعوضك الله خيرا لك منه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله عز وجل إلا أعطاك الله خيرا منه. أخرجه أحمد، وصححه الألباني.
والله أعلم.