الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أنّ الجمهور على بطلان الزواج بغير ولي، لكن إذا كنت تزوجت تقليداً لمذهب أبي حنيفة -رحمه الله- الذي يجيز للحرة، الرشيدة، تزويج نفسها، فالعقد صحيح، وانظري الفتوى رقم: 46605.
وإذا أردت الرجوع لهذا الرجل بعقد جديد، فلا حقّ لأهلك في منعك من زواجه، قال تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }البقرة (232)
قال ابن كثير -رحمه الله-: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ، فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَأَنْ يُرَاجِعَهَا، وَتُرِيدَ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ، فَيَمْنَعُهَا أَوْلِيَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ، فَنَهَى اللَّهُ أَنْ يَمْنَعُوهَا. تفسير ابن كثير.
وإذا كان هذا الرجل كفئا لك، ومنعك أبوك من تزوجه، كان عاضلاً لك، والراجح عندنا أن المعتبر في الكفاءة بين الزوجين هو الدين وحده، وانظري الفتوى رقم: 2346، والفتوى رقم: 26055.
ويجوز لك في حال عضل أبيك لك، أن ترفعي أمرك للقاضي الشرعي ليزوجك، أو يأمر وليك بتزويجك منه، وراجعي الفتوى رقم: 32427.
واعلمي أنّ لوالديك عليك حقاً عظيماً مهما كان حالهما، فاجتهدي في برهما، وبيني لهما أنّ رجوعك لهذا الرجل فيه مصلحة لك ولأولادك، ووسطي في هذا الأمر بعض الأقارب الصالحين؛ ليكلموهما في ذلك، فإن أصرّا على منعك من زواجه، فلا حرج عليك في مخالفتهما، لكن عليك مداومة برهما حسب استطاعتك.
والله أعلم.