الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتسمية باسم محمد مستحبة، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تسموا باسمي....
وأما عن كره التسمي باسم محمد أو أحمد: فإن كان لملل من كثرة الاسم، فهذا من الكره الطبعي الذي لا يؤاخذ به الإنسان, ومثل هذا كراهة التسمية باسم محمد، لئلا يمتهن اسمه، فقد قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح مسلم: وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى الْكُوفَةِ لَا تُسَمُّوا أَحَدًا بِاسْمِ نَبِيٍّ، وَأَمَرَ جَمَاعَةً بِالْمَدِينَةِ بِتَغْيِيرِ أَسْمَاءِ أَبْنَائِهِمْ مُحَمَّدٍ حَتَّى ذَكَرَ لَهُ جَمَاعَةٌ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَسَمَّاهُمْ بِهِ، فَتَرَكَهُمْ، قَالَ الْقَاضِي: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ فِعْلَ عُمَرَ هَذَا إِعْظَامٌ لِاسْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِئَلَّا يُنْتَهَكَ الِاسْمُ، كَمَا سَبَقَ فِي الْحَدِيثِ: تُسَمُّونَهُمْ مُحَمَّدًا ثُمَّ تَلْعَنُونَهُمْ ـ وَقِيلَ سَبَبُ نَهْيِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لِمُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ فَعَلَ اللَّهُ بك يا محمد، فَدَعَاهُ عُمَرُ، فَقَالَ أَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسب بك، والله لا تدعى مُحَمَّدًا مَا بَقِيتُ، وَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ. انتهى.
وأما من سمّى أولاده باسم محمد أو أحمد لأجل ما جاء في الشرع من استحباب التسمية به، فيؤجر على ذلك، وعلم مما سبق أن قولك: يجب على الناس التوقف عن التسمية بالأسماء الشائعة، مثل: محمد وعبد الله وفاطمة وعلي وعائشة ـ غير صحيح، ولكن لا يدل هذا القول منك على عدم احترام للرسول صلى الله عليه وسلم، لأن الحامل لك على هذا القول كما يظهر من نقاشك مع صديقتك أنك تكرهين هذه الأسماء الشائعة لكثرتها، وأما سؤالك: هل للرسول صلى الله عليه وسلم علم بكل شيء؟ فالجواب: يجب على كل مسلم أن يعتقد أنه لا يعلم أحد كل شيء إلا الله سبحانه وتعالى، كما قال الله: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ {النمل:65}.
وما يعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم من أمور الغيب، فبإخبار الله له عن طريق الوحي، كما قال الله: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُول {الجـن:26ـ27}.
وأما أمور الدنيا: فقد قال فيها صلى الله عليه وسلم: أنتم أعلم بأمر دنياكم. رواه مسلم.
مما يدل على خفاء بعض أمور الدنيا التي كانت في زمانه صلى الله عليه وسلم فضلا عن أمور الدنيا التي جاءت بعد زمانه، وراجعي الفتويين رقم: 309562، ورقم: 24214.
والله أعلم.