ما جاء عن عبد الله بن مسعود في المعوذتين

26-5-2003 | إسلام ويب

السؤال:
ما حقيقة ما يقال عن محو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه للمعوذتين من مصحفه؟ وكيف نفسر مثل هذه الأخبار التي توجد في كتب التفسير، ويستخدمها غير المسلمين لإثارة الشبهات؟
وجزاكم الله عنا خيراً.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد روى الإمام أحمد في مسنده، والطبراني في معجمه الكبير عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: أنه كان يمحو المعوذتين من مصاحفه، ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله عز وجل.

قال البزار: لم يتابع ابن مسعود أحد من الصحابة... وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قرأ بهما في الصلاة، وأثبتتا في المصحف، وأخرج الإمام أحمد، والبخاري، وغيرهما عن زر بن حبيش قال: أتيت المدينة فلقيت أبي بن كعب فقلت له: يا أبا المنذر؛ إني رأيت ابن مسعود لا يكتب المعوذتين في مصحفه، فقال: أما والذي بعث محمداً بالحق لقد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما، وما سألني أحد عنهما منذ سألته غيرك، قال: قيل لي: قل، فقلت: قولوا، فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرج مسلم، والترمذي، والنسائي، وغيرهم عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنزلت علي الليلة آيات لم أر مثلهن قط: قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس.

وأخرج الحاكم، وابن مردويه، وغيرهما عن عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول الله أقرئني سورة يوسف وسورة هود، قال يا عقبة: اقرأ بسورة: قل أعوذ برب الفلق، فإنك لن تقرأ بسورة أحب إلى الله وأبلغ منها، فإذا استطعت ألا تفوتك فافعل.

وأخرج الترمذي، وحسنه البيهقي وغيرهما عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من عين الجان ومن عين الإنس، فلما نزلت سورة المعوذتين أخذ بهما وترك ما سواهما.

وعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من أحب السور إلى الله تعالى "قل أعوذ برب الفلق" و" قل أعوذ برب الناس". أخرجه ابن مردويه. إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الصريحة، وأقوال الصحابة التي تثبت قرآنية السورتين، وتبين أن قول ابن مسعود -رضي الله عنه- -على جلالته وعظم منزلته إذا ثبت عنه- خطأ منه -رضي الله عنه-، وأنه قول شذ به عن بقية الصحابة. ولو لم تكونا من كتاب الله تعالى لما أثبتتا في المصحف، وأجمعت عليهما الأمة التي لا تجتمع على ضلالة، فإجماع الأمة معصوم كما هو معلوم، ولكن خطأ الأفراد وارد مهما كانت منزلتهم وعلو قدرهم، فلا عصمة لأحد بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولعل هذا من شواذ ابن مسعود -رضي الله عنه- التي تذكر في التراث الفقهي والتاريخ الإسلامي، فيقال: شواذ ابن مسعود، ورخص ابن عباس، وشدائد ابن عمر، كما قال الخليفة المنصور للإمام مالك عندما طلب منه أن يؤلف كتاباً يتجنب فيه للمسلمين هذه الأمور.

وهذا لا ينقص من قدر ابن مسعود -رضي الله عنه-، فهو من هو من السابقين الأولين، وممن صلى إلى القبلتين، وهاجر الهجرتين، وشهد المشاهد كلها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن أهل بدر.... ولعله رجع عن هذا القول، فقد ذكر ابن أبي داود في كتاب المصاحف قال: باب رضا عبد الله بن مسعود بجمع عثمان رضي الله عنه المصاحف، ثم روى عنه حديث نزول القرآن على سبعة أحرف..هذا باختصار مجمل ما جاء عن المعوذتين، وأنهما من كتاب الله تعالى، وقد ثبت ذلك بما لا يدع مجالاً للشك.

وأما تفسير ما جاء عن ابن مسعود -إن صح- فهو خطأ من هذا الصحابي الجليل -كما أشرنا- لم يوافقه عليه أحد من الصحابة، وهذا ما أردنا تبيينه لمن يريد الحقيقة العلمية التي يسندها المعقول والمنقول.

وأما ما يورده أعداء الإسلام من الكذب والتشكيك وتعكير المياه للاصطياد فيها، فلا ينبغي للمسلم أن يلتفت إليه أو يشغل به وقته، وبإمكانك الاطلاع على المزيد من الفائدة في الفتوى: 6484.

والله أعلم.

www.islamweb.net