الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحذرك من الربا، وخشيتك من الوقوع في الحرام، مما يحمد لك، لكن لا ينبغي أن يصل إلى حد الوسوسة، أو التكلف، فيضرك، أو يفسد عليك معيشتك.
والمعاملات المشروعة، لا حرج في الإقدام عليها، والانتفاع بما يكسبه المرء منها، والاستدانة للحاجة، لمن ينوي القضاء ويعزم عليه، لا حرج فيها، ومن ذلك الاستثمار المشروع للتكسب، وراجع في ذلك، الفتاوى التالية أرقامها: 272740، 64409، 181939.
وما ورد من التنفير من الدين - سواء من قرض أو غيره- إنما هو في حق من يتعمد الخيانة فيه، ويريد به أكل أموال الناس بالباطل، أو تساهل فيه، فأخذه لغير حاجة حتى عجز عنه، فكانت الشريعة بذلك حكيمة، عادلة تحث الناس على المواساة وقضاء الحاجات، وبذل القرض، وفي المقابل تحذر من التساهل في أخذ أموال الناس، أو أخذها بنية سيئة. وعلى هذا، فلا يلزمك تعجيل سداد الدين إلى البنك، لكن لو فعلته تريد إبراء ذمتك، فلا حرج عليك.
ولو تركت فيما تستقبل ما اشتبه عليك أمره؛ لخلاف العلماء فيه، فذلك أولى، وأورع، وأبرأ للذمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات، استبرأ لدينه، وعرضه. متفق عليه. وقد سأل وابصة النبي صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم، فقال: استفت نفسك، استفت قلبك يا وابصة، ثلاثاً، البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس، وأفتوك. أخرجه الدارمي وأحمد والطبراني، وحسنه النووي.
والله أعلم.