الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فيجب على المرأة أن تستر ما يجب عليها ستره من جسدها، إذا خرجت من بيتها، وكذا إن كانت في بيتها في مكان تخشى أن يراها فيه رجل أجنبي، كوجودها في الشرفات ونحو ذلك، ولتتقي الله، ولتحرص على إحكام لبس الحجاب، حتى لا ينكشف شيء من جسدها.
ويلزمها مراعاة اللباس الذي تتوافر فيه الشروط الشرعية، والتي قد أوضحناها في الفتوى رقم: 6745، فإذا كان ما تلبسه ضيقا يصف، أو شفافا يشف عما تحته، لم يكن حجابا شرعيا.
وإذا فرطت المرأة كانت آثمة. وتكرر هذا منها يدل على غفلة، وعدم مبالاة بأحكام الشرع. ومن اطلع منها على ذلك، فعليه أن يبذل لها النصح بالحسنى، ويخوفها بالله تعالى. فإن تابت إلى الله وأنابت، فالحمد لله، وإلا فعلى وليها أن يكون حازما معها، ويعمل على منعها من هذه التصرفات، فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}، وثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والرجل راع في أهله، ومسؤول عن رعيته.
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: الواجب عليه أن يجبرها على أن تلبس اللباس الشرعي، وإذا قدر أنها عصت، فله أن يمنعها من الخروج من البيت؛ لأن الولاية له عليها، كما قال الله عز وجل: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم. اهـ.
وننبه في الختام إلى أمور:
الأول: أن المقصود الستر الشرعي، فبأي شيء تحقق المقصود، كفى، نعني أنه لا يلزم لباس معين كالجورب في الرجلين، أو القفازين في اليدين.
الثاني: تغطية الوجه واليدين محل خلاف بين الفقهاء، والذي رجحناه فيه الوجوب، وقد بينا ذلك بأدلته في الفتوى رقم: 5224. وإذا كانت المرأة تعتقد وجوب الستر، فإنه يلزمها.
الثالث: تحري الحكمة والأسلوب الأنفع في مثل هذه الحالات، ومراعاة الموازنة الدقيقة بين المصالح والمفاسد بحيث لا يفعل المرء فعلا تترتب عليه ردة فعل أسوأ، ومفسدة أعظم.
والله أعلم.