الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى عديدة أنه لا حرج في المتاجرة بالعملات، والاستفادة من فروقات أسعار الصرف، وتقلبات السوق، مع التقيد بالضوابط الشرعية، التي من أهمها : التقابض في استبدال العملات، وعدم التأجيل.
وقد سئلت اللجنة الدائمة: ما الحكم الشرعي في تبادل العملات (في السوق السوداء) مثلا 3000 دج بـ 3000 فرنك فرنسي، أي بنسبة 300% مع العلم أن التبادل عن الطريق الشرعي هو مثلا 300 دج بـ 340 فرنك فرنسي.
فأجابت: إذا كان التبادل بين عملتين من جنس واحد، وجب التساوي بينهما، والتقابض بالمجلس، وحرم التفاضل بينهما، وحرم تأخير القبض فيهما، أو في إحداهما شرعا، وإذا كانتا من جنسين جاز التفاضل بينهما شرعا، سواء كان ذلك في السوق السوداء أم في غيرها، وحرم تأخير بعضهما أو إحداهما .اهـ.
وسئل ابن عثيمين: بعض العملات ترتفع أحياناً، وأحياناً تنخفض، فمع انخفاضها نقوم بشرائها حتى ترتفع قيمتها، ونبيعها بعد ذلك بثمن أكثر هل يجوز لنا ذلك مع إيضاح الدليل؟
فأجاب: يجوز للإنسان أن يشتري العملات عند نقصها، فإذا زادت قيمتها باعها، كما يجوز أيضاً أن يشتري الرغيف في حال نقصه، فإذا زاد باعه، دليل ذلك عموم قول الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا﴾. فكل بيع فالأصل فيه الحل حتى نتيقن أنه من الربا، ولهذا نقول في العملات: إنه لا بد أن يستلم كل من الطرفين العوض الذي آل إليه، فإذا صادفت شخصاً بعملة فلا بد أن يسلمني ولا بد أن يسلمه في العقد نفسه، فإن لم يحصل التسليم صار هذا من باب الربا الذي حرمه الله .اهـ. من فتاوى نور على الدرب.
ومما تجب مراعاته كذلك في جواز التجارة في العملات أو غيرها: ألا يكون النظام يمنع ذلك لمصلحة عامة معتبرة، وراجع في بيان ذلك الفتوى رقم: 15672، والفتوى رقم: 325708.
ومتى كانت التجارة مباحة فالسفر من أجلها مباح من حيث الأصل. قال ابن العربي: -في ذكر أنواع السفر لطلب الدِّين-: سفر التجارة والكسب الكثير الزائد على القوت؛ وذلك جائز بفضل الله سبحانه. قال الله سبحانه: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} [البقرة: 198] يعني: التجارة. وهذه نعمة منَّ بها في سفر الحج، فكيف إذا انفردت ؟.اهـ. من أحكام القرآن .
والله أعلم.