الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على ورثة هذا الرجل أن يبادروا بقضاء دينه من تركته قبل القسمة، فإن كان ميراثه لا يفي بديونه –كما ذكرت- فللدائنين اقتسام التركة بينهم بقدر حصصهم من الدين، قال ابن قدامة -رحمه الله- : "وإن مات مفلس وله غرماء، بعض ديونهم مؤجل، وبعضها حال، وقلنا: المؤجل يحل بالموت. تساووا في التركة، فاقتسموها على قدر ديونهم" المغني لابن قدامة (4/ 327).
فإذا كان الدين كله خمسمائة ألفا، والتركة ستون ألفا، وكان أحد الدائنين –مثلاً- له مائتان وخمسون ألفاً، فله ثلاثون ألفا، وهكذا...
ولا يجب على الورثة فضلاً عن غير الورثة، أن يقضوا دين الرجل من أموالهم، إلا أن يتبرعوا بذلك فيكون من البر به والإحسان إليه، قال الحطّاب المالكي –رحمه الله- : "..وَدَيْنُ أَبِيهِ لَيْسَ عَلَيْهِ حَالًّا وَلَا مُؤَجَّلًا" مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (2/ 505).
وقال ابن قدامة –رحمه الله- : " وإن ادعى على أبيه دينا، لم تسمع الدعوى حتى يدعي أن أباه مات، وترك في يده مالا؛ لأن الولد لا يلزمه قضاء دين والده ما لم يكن كذلك." المغني لابن قدامة (10/ 76).
وقال ابن تيمية –رحمه الله- : " فَإِنَّ دَيْنَ الْمَيِّتِ لَا يَجِبْ عَلَى الْوَرَثَةِ قَضَاؤُهُ، لَكِنْ يُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ " منهاج السنة النبوية (5/ 232).
فإن تبرع أحد الورثة أو غيرهم بقضاء بقية الدين برئت ذمة الميت، وإلا فالدين في ذمته، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الواجب على الدولة أن تسدد ديون الميت الذي لم يخلف وفاء، وراجع الفتوى رقم : 258832.
والله أعلم.