الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشفقة الأم على ابنتها وحرصها على مصلحتها أمر جبلت عليه، فليس من الغريب أن تبحث لابنتها عن رجل ميسور الحال، ولكن لا ينبغي أن تجعل هذا عائقا للحيلولة دون ابنتها وزواجها من صاحب الدين والخلق؛ لأن هذا معيار الكفاءة على الراجح، روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض ".
قال ابن القيم في زاد المعاد: فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الكفاءة في الدين أصلاً وكمالاً، فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر. ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمراً وراء ذلك. اهـ.
فتبين من هذا أن الفوارق المادية لا ينبغي أن تكون سببا في الحيلولة دون تزويج البنت من كفئها.
ولا شك في أن رضا الأم وكسب ودها أمر مهم، فوصيتنا لك أن تسعي هذا المسعى مستعينة بالله عز وجل أولا بدعائه والتضرع إليه، متحرية الأوقات والأحوال التي ترجى فيها الإجابة، وراجعي بخصوصها الفتوى رقم: 119608. ثم استعيني عليها بالفضلاء من الناس ممن ترجين أن تقبل قولهم، فإن قبلت فالحمد لله، وإلا فلك الحق في الزواج ولو من دون رضاها، فطاعة الوالدين لا تجب بإطلاق؛ كما بينا في الفتوى رقم: 76303.
وإن رأيت الصبر وإيثار رضا أمك وبرها فقد يبدلك الله عز وجل بمن هو خير منه. ولمعرفة كيفية علاج العشق راجعي الفتوى رقم: 9360.
والله أعلم.