الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعملك فيما ذكرت يعتبر وكالة من أصحاب الخدمات في استلام المبالغ وتحويلها إليهم، ولا حرج في ذلك من حيث الأصل، ولك أن تأخذ عمولة مقابله. جاء في الإنصاف: يجوز التوكيل بجعل معلوم أياماً معلومة، أو يعطيه من الألف شيئاً معلوماً. اهـ. وجاء في مطالب أولي النهى: وإن عين موكل ثيابا معينة في بيع وشراء بأن قال لوكيله كل ثوب بعته من هذه الثياب فلك على بيعه كذا.. صح.اهـ.
وأما كون العمولة نسبة وليست مبلغا معلوما، فهذا مما اختلف فيه، فجمهور أهل العلم على اشتراط معلومية الأجرة، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز جعلها نسبة مما يحصل، قال في كشاف القناع: "(ولو دفع عبده أو) دفع (دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة) جاز (أو) دفع (ثوبا) إلى من (يخيطه، أو) دفع (غزلا) إلى من (ينسجه بجزء من ربحه) قال في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز، نص عليه في رواية حرب، وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه جاز، نص عليه (أو) دفع ثوبا إلى من يخيطه أو غزلا إلى من ينسجه (بجزء منه) مشاع معلوم (جاز) " اهـ.
ونقل العيني في عمدة القاري عن ابن سيرين قوله: "إذا قال بعه بكذا فما كان من ربح فهو لك أو بيني وبينك فلا بأس به." انتهى
وعلى القول بجواز جعل الأجرة نسبة فلا بأس بذلك العمل لو سلم من قولك: (نتفق على سعر مرجعي ثابت للعملة الصعبة كل فترة معينة من 4 إلى 15 يوم (لا نستطيع تغيير الأسعار يوميا)) فلا يصح ذلك لأنك وكيل عن أصحاب الخدمة في صرف المبالغ وتحويلها إلى العملة المحلية، فتكون العبرة بما تمت المصارفة به فعلا، وليس عليك الضمان عند تذبذب أسعار الصرف، فما نقص فهم يتحملونه، وما زاد فهو يرد إليهم ما لم يأذنوا لك في الانتفاع به تبرعا منهم. ولا يجوز تضمين الوكيل بأجرة الثمن إذا لم يتعد أو يفرط في الوكالة لأنه أمين، والأمين لا يضمن إلا في حالة التعدي، وراجع في عدم تضمين الوكيل الفتوى رقم: 19716، والفتوى رقم:51317. وما ذكرته هو من هذا القبيل فبين ذلك لأصحابك لضبط الاتفاق بينك وبينهم وفق ما هو مشروع .
والله أعلم.