الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الإثم مرفوع فيما حصل قبل البلوغ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِم. رواه الإمام أحمد وأبو داود والحاكم في المستدرك ـ واللفظ له ـ وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني.
ومن الواضح أنك مصاب بالوسوسة، فاعرض عن الاسترسال مع الشيطان في شأن هاته الوساوس والشكوك؛ فإن الإعراض عنها هو أحسن علاج لها.
فقد سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة هل له دواء؟
فأجاب: له دواء نافع، وهو الإعراض عنها جملة كافية -وإن كان في النفس من التردد ما كان- فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون. وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم, كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها، وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته، وهو أن من ابتلي بالوسوسة، فليستعذ بالله، ولينته.
فتأمل هذا الدواء النافع الذي علمه من لا ينطق عن الهوى لأمته. واعلم أن من حرمه فقد حرم الخير كله; لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقا, واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة، ونكد العيش، وظلمة النفس، وضجرها إلى أن يخرجه من الإسلام وهو لا يشعر. وذكر العز بن عبد السلام، وغيره نحو ما قدمته، فقالوا: دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني, وأن إبليس هو الذي أورده عليه، وأنه يقاتله, فيكون له ثواب المجاهد; لأنه يحارب عدو الله, فإذا استشعر ذلك فرَّ عنه, وأنه مما ابتلي به نوع الإنسان من أول الزمان، وسلطه الله عليه محنة له; ليحق الله الحق، ويبطل الباطل ولو كره الكافرون .اهـ. باختصار من الفتاوى الفقهية الكبرى.
واعلم أنه لا يجوز تعمد مشاهدة عروض السحر والشعبذة، ولكن مجرد مشاهدتها ليس بكفر، وراجع تفصيل ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 25403، 36565، 100439.
والله أعلم.