الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي البداية نهنئك على ما تقوم به من مساعدة زوجتك على الاستقامة على دينها, ونسأل تعالى أن يثيبك على ما فعلت, وأن يتقبله منك.
ثم إن الصائم إذا لحقته بالصوم مشقة يصعب احتمالها، أبيح له الفطر.
جاء في المجموع للنووي: هذا إذا لحقه مشقة ظاهرة بالصوم، ولا يشترط أن ينتهي إلى حالة لا يمكنه فيها الصوم، بل قال أصحابنا: شرط إباحة الفطر أن يلحقه بالصوم مشقة يشق احتمالها. انتهى.
وفي فتاوى الشيخ ابن عثيمين: المشقة هي أن يحصل للإنسان شيء من التكلف، والتحمل. انتهى.
وبناء على ذلك, فإذا كانت زوجتك تلحقها مشقة يشق احتمالها ـ كما هو الظاهر من سؤالك ـ فيباح لها الفطر, لكن إذا كانت تقدر على القضاء في أحد فصول السنة مثلا, وجب عليها قضاء ما أفطرته من رمضان؛ لقوله تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة:184}.
وإن كانت زوجتك عاجزة عن الصيام في الزمن كله, فالواجب عليها أن تطعم عن كل يوم مُدا لمسكين, والمُدُّ يساوي في عصرنا بالأوزان الحديثة 750 جراماً تقريباً، من أرز، أو غيره، من غالب قوت أهل البلد.
وبخصوص حالتك أنت, فإن مرضى السكر ينقسمون إلى ثلاث فئات، منها من يجوز له الفطر، ومنها من يلزمه الصيام, كما سبق في الفتوى رقم: 9854.
وعلى افتراض أنك يباح لك الفطر لأجل المرض, لكنك تكلفت الصيام تشجيعا لزوجتك عليه, فإن صيامك صحيح مجزئ, وقد فعلت مكروها.
جاء في المغني لابن قدامة: فإن تحمل المريض وصام مع هذا، فقد فعل مكروها؛ لما يتضمنه من الإضرار بنفسه، وتركه تخفيف الله تعالى، وقبول رخصته، ويصح صومه ويجزئه؛ لأنه عزيمة أبيح تركها رخصة، فإذا تحمله أجزأه، كالمريض الذي يباح له ترك الجمعة إذا حضرها، والذي يباح له ترك القيام في الصلاة إذا قام فيها. انتهى.
والله أعلم.