الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرغم انتشار هذه القصة على ألسنة الوعاظ والقُصاص؛ إلا أننا لم نجد لها أصلاً في كتب أهل العلم الثقات، والقصة عليها علامات الوضع؛ إذ كيف يكون الإسكافي وليًا لله، وهو يلطم خده ألمًا مما وجده من فقر جارته، وهو غافل عنها، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لطم الخدود، وكيف يسأل الولي جارته طعامًا وهو مستغنٍ بالمال الذي أعده للحج؟ وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن سؤال الناس، وانظر الفتويين: 21997 / 62552.
والمذكور عن عبد الله بن المبارك مما له علاقة بهذه القصة، هو ما ذكره ابن كثير في ترجمته من (البداية والنهاية) فقال: خرج مرة إلى الحج فاجتاز ببعض البلاد، فمات طائر معهم فأمر بإلقائه على مزبلة هناك، وسار أصحابه أمامه وتخلف هو وراءهم، فلما مر بالمزبلة إذا جارية قد خرجت من دار قريبة منها، فأخذت ذلك الطائر الميت ثم لفته، ثم أسرعت به إلى الدار، فجاء فسألها عن أمرها وأخذها الميتة، فقالت: أنا وأخي هنا ليس لنا شيء إلا هذا الإزار، وليس لنا قوت إلا ما يلقي على هذه المزبلة، وقد حلت لنا الميتة منذ أيام، وكان أبونا له مال، فظلم وأخذ ماله، وقتل، فأمر ابن المبارك برد الأحمال، وقال لوكيله: كم معك من النفقة؟ قال: ألف دينار. فقال: عد منها عشرين دينارا تكفينا إلى مرو وأعطها الباقي، فهذا أفضل من حجنا في هذا العام، ثم رجع. اهـ.
والله أعلم.