الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أول ما نوصيك به الستر على أمك وجدتك وكافة أفراد أسرتك، فإن إشاعة الفاحشة بين المسلمين وكشف عوراتهم من الذنوب العظيمة، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النور:19].وروى الإمام أحمد في مسنده عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ولا تطلبوا عوراتهم، فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته. ، وعنه كذلك في المسند وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة. ونوصيك ثانياً بأن لا تيأسي من هداية الله لهؤلاء المذكورين من قرابتك فعليك بالدعاء لهم في كل الأوقات، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وتذكيرهم ونصيحتهم، كل ذلك برفق واحترام يتناسبان مع درجة القرابة بينك وبينهم.قال الله تعالى في الدعاء: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60].وقال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]، وقال الله تعالى: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذريات:55].وأما عن بر الوالدين والعلاقة بهم، فذاك ما لا سبيل إلى التهاون فيه، كيف كان مستوى فسقهم، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15].وبر الوالدين من آكد الواجبات، فعن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قلنا بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: إلا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه.وليس لك أن تطردي أمك عن محلك إذا زارتك لأن ذلك يتنافى وبرها، ولكنك إذا كنت تزورينها من حين لآخر وتتقربين إليها بالمودة والإحسان، كان ذلك أدعى لأن تعاملك بأحسن مما كانت عليه.
والله أعلم.