الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن الوساوس قد بلغت منك مبلغا عظيما, ونسأل الله تعالى أن يشفيك منها, وننصحك بالإعراض عنها, وألا تعيرها أي اهتمام, فإن ذلك علاج نافع لها, وراجع في ذلك، الفتوى رقم: 51601
ثم اعلم أيها الأخ الكريم أن النية أمرها سهل هين، فإذا قام الإنسان ليتوضأ, فقد نوى الوضوء، أو قام للصلاة، فقد نوى أن يصلي.
قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ في الشرح الممتع: مسألة: يقول بعض الناس: إن النيَّة تَشُقُّ عليه، وجوابه: أنَّ النيَّة سهلة، وتركها هو الشَّاقُّ، فإنه إذا توضَّأ وخرج من بيته إلى الصلاة، فإنه بلا شَكٍّ قد نوى، فالذي جاء به إلى المسجد، وجعله يقف في الصَّف، ويكبِّر هو نيَّة الصلاة، حتى قال بعض العلماء: لو كلَّفنا الله عملاً بلا نيَّة، لكان من تكليف ما لا يُطاق، فلو قيل: صَلِّ، ولكن لا تنوِ الصَّلاة، توضَّأ، ولكن لا تنوِ الوُضُوء، لم يستطع، ما من عمل إلا بنيَّة، ولهذا قال شيخ الإسلام: النيَّة تتبع العلم، فمن علم ما أراد فِعْلَه فقد نواه، إذ لا يمكن فعله بلا نيَّة ـ وصَدَق رحمه الله ـ ويدلُّك لهذا قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: إنَّما الأعمال بالنيَّات ـ أي: لا عمل إلا بنيَّة. انتهى.
وأما بخصوص التسمية للوضوء: فقد اختلف العلماء في اشتراطها لصحة الوضوء، وجمهور العلماء على أنها سنة وليست واجبة، وعلى ذلك فيصح الوضوء بدون تسمية، وانظر الفتوى رقم: 124839.
واللجوء إلى الحلف في بداية العبادة: من وضوء, أو صلاة، ليس حلا لمشكلتك, بل هو من تأثير الوسوسة, فابتعد عن هذا الحلف تماما, ولا تعد إليه. والحل هو أن تعرض عن هذه الوساوس، وألا تلتفت إلى شيء منها مهما كثرت أو تنوعت، فإذا وسوس لك الشيطان بأنك قد قطعت نية الوضوء, أو الصلاة، فأعرض عن وسوسته، وامض في وضوئك, وصلاتك، واستعذ بالله تعالى من كيد الشيطان, وأكثر من الدعاء, والتضرع إلى الله تعالى ليعافيك مما أنت فيه من حرج, وضيق.
والله أعلم.