الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يوجد فرق كبير من حيث المعنى بين قول القائل: بسم الله الرحمن الرحيم، وقوله: بالله الرحمن الرحيم، وذلك أن كليهما طلب للاستعانة بالله تعالى؛ لدلالة الباء فيهما على ذلك (الاستعانة)
قال ابن مالك في الخلاصة[ الألفية]:
بِالْبَا اسْتَعِنْ وَعَدَّ عَوَضْ أَلْصِقِ وَمِثْلَ مَعْ وَمِنْ وَعَنْ بِهَا انْطِقِ
ولكن اللفظة الأولى أبلغ وأشمل، وإن كانت الثانية تتضمن نفس المعنى، وهو طلب الاستعانة في بداية العمل، أو على الأمور كلها، وبما أن طلب الاستعانة يكون بألفاظ كثيرة؛ فإنه يمكن الاستغناء عنها بـ: بسم الله.. ولذلك كانت هذه اللفظة أبلغ؛ كما قال الراغب الأصفهاني في تفسيره: إنما قال "بسم الله" ولم يقل "الله" لأنه لما استحب الاستعانة بالله تعالى في كل أمر يفتتح به من قراءة وغيرها، فبعضهم -يذكره- بقلبه، وبعضهم يزيد عليه ويقوله بلسانه، ويكون أبلغ - و "ذكر الله مستعمل في كل ذلك " - وألفاظ الاستعانة نحو "أستعين بالله" و "اللهم أعني" ونحو ذلك كثير، فصار لفظة "بسم الله" مستغني به عن جميعها وقائماُ مقامها، ولو قال "بالله" (لكان يقتضي الاستعانة) بهذه اللفظة فقط. اهـ.
هذا؛ وننبه إلى أن هنالك مواضع أمر الشارع فيها أن يقول المرء: "بسم الله" لا يجزئ فيها أن يقول: "بالله" كالصلاة، وبعض الأذكار ونحو ذلك.
والله أعلم.