الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحرص الزوجين على اجتناب المعاصي، والمخالفات الشرعية في حفلات الزفاف، فيه فضل كبير، وأجر عظيم، ويرجى أن يكون سببًا للبركة، والتوفيق، والسعادة الزوجية، فترك المعاصي، واجتناب المحرمات، من أفضل العبادات، قال ابن رجب -رحمه الله- في جامع العلوم والحكم: ... وَيُشْبِهُ هَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ: أَعْمَالُ الْبِرِّ يَعْمَلُهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَأَمَّا الْمَعَاصِي، فَلَا يَتْرُكُهَا إِلَّا صِدِّيقٌ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «اتَّقِ الْمَحَارِمَ، تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْبِقَ الدَّائِبَ الْمُجْتَهِدَ فَلْيَكُفَّ عَنِ الذُّنُوبِ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا عَبَدَ الْعَابِدُونَ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ تَرْكِ مَا نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْهُ.
والتهاون في مخالفات الزفاف، بحجة أنّها ليلة العمر، وأنّ الله غفور رحيم، ونحو ذلك من الحجج، منكر ظاهر، ومغالطة واضحة، فالزواج نعمة عظيمة تستوجب الشكر، فلا يجوز أن تقابل بمعصية الله، والاستخفاف بحرماته، والفرح والسرور لا يلتمس بالمعاصي، ولكن يلتمس بما أحل الله، فالمعاصي سبب الشقاء والحرمان، قال ابن القيم -رحمه الله- في روضة المحبين ونزهة المشتاقين: فإن من طلب لذة العيش وطيبه بما حرمه الله عليه، عاقبه بنقيض قصده، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، ولم يجعل الله معصيته سببًا إلى خير قط.
والله أعلم.