الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن هدية الطالب لمعلمه، ليست ممنوعة بإطلاق، وإنما تمنع إذا كان الغرض المقصود بها سيئًا، كالمحاباة، ونحوها، كما بيناه في الفتوى رقم: 299119، وإحالاتها.
وكون الإهداء من جميع الطالبات، يجعل تهمة المحاباة، وقصد تفضيل بعض الطلاب على بعض، منتفية، قال الدكتور عبد الله بن جبرين: إذا كانت الهدية من جميع المتدربات -بحيث اجتمعن ودفعن ثمنها- وعرفت المسؤولة أنه من الجميع، وأن سببه شكر لها، ومكافأة على نصحها وتعليمها، فلا بأس بهذه الهدية -سواء بعد النتائج أو قبلها- حيث إنه لا يترتب على هذه الهدية محذور من تقديم المسؤولة لبعض الموظفات على بعض. اهـ.
وإن كان المقصود بالوقف الذي سألت عنه: هو إهداء لثواب الوقف للمعلمة، أو الصدقة عنها به: بمعنى الوقف على جهة بر، وإهداء ثواب هذا الوقف للمعلمة، وتسمية الوقف باسمها: فهذا لا يعد أصلًا من الهدايا التي يتكلم عنها العلماء في البحث الفقهي، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: واصطلاحًا عرفها الحنفية بأنها: تمليك عين مجانًا. وعرفها المالكية بأنها: تمليك من له التبرع ذاتًا، تنقل شرعًا بلا عوض، لأهل، أو ما يدل على التمليك.
وعرفها الشافعية بأنها: تمليك عين بلا عوض، مع النقل إلى مكان الموهوب له إكرامًا.
وعرفها الحنابلة بأنها: تمليك في الحياة بغير عوض. اهـ.
فإهداء الثواب، لا يختلف عن الدعاء للمعلمة، ونحوه من المنافع الأخروية.
وإهداء ثواب الوقف للغير، جائز باتفاق العلماء من حيث الأصل، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب علماء أهل السنة والجماعة: إلى أن للإنسان أن يجعل ثواب ما فعله من عبادة لغيره، وهذا محل اتفاق في العبادات غير البدنية المحضة، كالصدقة، والدعاء، والاستغفار، والوقف عن الميت. اهـ.
وفيها: تنقسم القربات إلى ثلاثة أقسام:
قسم حجر الله تعالى على عباده في ثوابه، ولم يجعل لهم نقله لغيرهم، كالإيمان والتوحيد، فلو أراد أحد أن يهب قريبه الكافر إيمانه ليدخل الجنة دونه، لم يكن له ذلك، وكذلك هبة ثواب ما سبق مع بقاء الأصل، لا سبيل إليه.
وقسم اتفق الفقهاء على أن الله تعالى أذن في نقل ثوابه، وهو القربات المالية، كالصدقة، والعتق.
وقسم اختلف فيه. اهـ.
فالخلاصة: أنه لا حرج -إن شاء الله- في اجتماع الطالبات على عمل وقف خيري للمعلمة، وليس ذلك من هدايا العمال المنهي عنها.
والله أعلم.