الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خطأك في الدعاء لا أثر له، فالعبرة بما في قلبك، وأما ما يسبق به لسانك من الخطأ فهو معفو عنه، قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ {الأحزاب:5}. والله يعلم قصدك ونيتك، ويجيبك بحسب ما وقع في قلبك من الإرادة والقصد، قال شيخ الإسلام رحمه الله: فَإِنَّ أَصْلَ الدُّعَاءِ مِن الْقَلْبِ، وَاللِّسَانُ تَابِعٌ لِلْقَلْبِ، وَمَنْ جَعَلَ هِمَّتَهُ فِي الدُّعَاءِ تَقْوِيمَ لِسَانِهِ أَضْعَفَ تَوَجُّهَ قَلْبِهِ. وَلِهَذَا يَدْعُو الْمُضْطَرُّ بِقَلْبِهِ دُعَاءً يُفْتَحُ عَلَيْهِ، لَا يُحَضِّرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَهَذَا أَمْرٌ يَجِدُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ فِي قَلْبِهِ، وَالدُّعَاءُ يَجُوزُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَبِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يَعْلَمُ قَصْدَ الدَّاعِي وَمُرَادَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقَوِّمْ لِسَانَهُ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ضَجِيجَ الْأَصْوَاتِ بِاخْتِلَافِ اللُّغَاتِ عَلَى تَنَوُّعِ الْحَاجَاتِ. انتهى
وأما ما يقع في نفسك من غير إرادة فإنه لا يستجاب -إن شاء الله- لأنه مجرد حديث نفس معفو عنه، فإن الله تجاوز لهذه الأمة عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم، فادع الله مخلصا له الدين، واجمع قلبك في دعائك، ولا تتخوف مما يقع في قلبك من غير إرادة له، ولا مما يسبق به لسانك مما لم تعقد عليه عزمك، ولم يستقر في قلبك.
والله أعلم.