الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رقم ستين لا يدل على شيء معين من موت ولا غيره، فالله تعالى قدر الآجال، وقد حجب عن عباده معرفة وقت الموت، كما قال الله تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الزمر:42}
وقال جل ذكره: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {لقمان:34} .
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مفاتيح الغيب خمس، ثم قرأ: إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ {لقمان:34} .
ولكن المسلم يتعين عليه تذكر الموت والآخرة، وأن يكثر من مطالعة نصوص الوحي التي تتحدث عن الآخرة وما فيها من الوعد والوعيد؛ لتحفزه وتنشطه للطاعات، وتقمعه عن المعاصي، ويظل خائفا راجيا، فلا يأمن من مكر الله، ولا ييأس من روح الله، بل يحسن الظن بالله، ويحمل نفسه على الانقياد لله.
ففي الصحيحين عن أنس: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: متى الساعة: قال وما أعددت لها..
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثروا ذكر هاذم اللذات. يعني: الموت. رواه النسائي، والترمذي، وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
قال الإمام القرطبي: قال الدقاق: من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة. ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضى بالكفاف، والتكاسل في العبادة. اهـ
وأما ما تتصوره من الرسائل الربانية، فيغني عنها ما ثبت في الشرع من النصوص، فاعمل بأوامر الله، وابتعد عن نواهيه، واحرص دائما على الازدياد من العلم الشرعي، وابتعد عما قد يجر لك التشاؤم من هذا الرقم.
والله أعلم.