الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه المقالة مقالة منكرة، مشتملة على طرف كبير من الغلو والإفراط في المدح، الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، والله وحده هو الذي يعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لو كان بعده نبي لكان عمر، أخرجه الترمذي وحسنه، وحسنه الألباني كذلك، والحاكم وصححه وأقره الذهبي، وهذا من خصائصه رضي الله عنه.
قال المناوي: فيه إبانة عن فضل ما جعله الله لعمر من أوصاف الأنبياء، وخلال المرسلين، وقرب حاله منهم. وفيه إشارة إلى أن النبوة ليست باستعداد، بل يجتبي إليه من يشاء، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى أوصاف جمعت في عمر لو كانت موجبة للرسالة لكان بها نبيا، فمن أوصافه قوته في دينه، وبذله نفسه وماله في إظهار الحق، وإعراضه عن الدنيا مع تمكنه منها، وخص عمر مع أن أبا بكر أفضل إيذانا بأن النبوة بالاصطفاء لا بالأسباب ذكره الكلاباذي. وقال ابن حجر: خص عمر بالذكر لكثرة ما وقع له في زمن المصطفى صلى الله عليه وسلم من الواقعات التي نزل القرآن بها، ووقع له بعده عدة إصابات. انتهى.
فهذه الدعوى العريضة من قائلها بأنه لو كان بعد النبي نبي آخر لكان فلان، اجتراء على الغيب، وقول على الله بغير علم، فضلا عما تحت هذه العبارة من الغلو المذموم، والذي حذرنا منه النبي صلى الله عليه وسلم، وبين أنه سبب إهلاك من كان قبلنا.
والله أعلم.