الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتنازلك عن بعض ميراثك لأخيك، عمل صالح تؤجر عليه -إن شاء الله- ويرجى أن يكون سبباً في البركة في العمر والرزق، ولا يحقّ لزوجتك الاعتراض عليه، وما دمت تنفق عليها بالمعروف، فلا حقّ لها في الخروج من بيتك دون إذنك، وخروجها على هذا الوجه نشوز تأثم به، وتسقط بها نفقتها، وسؤالها الطلاق لمثل هذا السبب سؤال بغير حق، يخشى أن يعرضها للوعيد المذكور في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ. رواه أحمد.
وعليه؛ فما دامت تسأل الطلاق بغير حق، فلك أن تمتنع من طلاقها حتى تخالعك على مال حسب ما تتفقان عليه، لكن الأولى ألا تأخذ منها زيادة على مهرها، قال ابن قدامة الحنبلي -رحمه الله- في المقنع: ولا يستحب أن يأخذ منها أكثر مما أعطاها، فإن فعل كره وصح. وانظر الفتوى رقم : 73322.
وإذا خالعتك على مال، ولم تقدر على دفعه لك، فهو دين في ذمتها يجب عليها أداؤه لك متى قدرت على أدائه.
وإذا لجأت المرأة للمحاكم الوضعية في البلاد الأجنبية فحكمت بطلاقها، فهذا الحكم غير معتبر شرعاً، فقد جاء في بيان لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا: المحور السابع: مدى الاعتداد بالطلاق المدني الذي تجريه المحاكم خارج ديار الإسلام: بين القرار أنه إذا طلق الرجل زوجته طلاقا شرعيا فلا حرج في توثيقه أمام المحاكم الوضعية، أما إذا تنازع الزوجان حول الطلاق، فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي عند انعدامه بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة، وأن اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية، فإذا حصلت المرأة على الطلاق المدني، فإنها تتوجه به إلى المراكز الإسلامية، وذلك على يد المؤهلين في هذه القضايا من أهل العلم لإتمام الأمر من الناحية الشرعية، ولا وجه للاحتجاج بالضرورة في هذه الحالة لتوافر المراكز الإسلامية، وسهولة الرجوع إليها في مختلف المناطق. انتهى.
والله أعلم.