الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففتح حساب توفير أو حساب استثمار لدى البنك لسيتثمر المبلغ المودع، ويعطى صاحب المال نسبة من الربح يعتبر من قبيل المضاربة، وتنطبق عليه أحكامها، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ما يلي:.... ب ـ الودائع التي تسلم للبنوك الملتزمة فعليا بأحكام الشريعة الإسلامية بعقد استثمار على حصة من الربح هي رأس مال مضاربة، وتنطبق عليها أحكام المضاربة ـ القراض ـ في الفقه الإسلامي... انتهى من مجلة مجمع الفقه.
والسحب الذي يجريه البنك على حسابات العملاء وإدراجها في قرعة للفوز بجوائز تشجيعية داخل في هدية العامل لرب المال، وقد ذكر بعض الفقهاء أنه لا يجوز لرب المال المضارب فيه ولا لعامل المضاربة أن يهدي أي منهما للآخر، ما لم يكن للهدية موجب آخر غير المضاربة. ففي مختصر خليل مشبها على التحريم لهدية المقترض لمقرضه، قال: كرب القراض وعامله ولو بعد شغل المال على الأرجح.
وقد مال كثير من الفقهاء المعاصرين إلى القول المجيز لهذا النوع من الهدايا والجوائز بضوابط، حيث جاء في قرار صادر عن ندوة البركة ما نصه: يجوز تقديمُ البنكِ جوائزَ إلى أصحابِ حسابات الاستثمار، لأنَّ أرصدة هذه الحسابات مملوكةٌ لأصحابها، والبنك مُضارِبٌ لهم فيها بحصَّته من الرِّبْح، على ألاَّ يؤدِّيَ منْح هذه الجوائز إلى ضمان رأس مال المضارَبة، أو أي جزءٍ منها، كما في حالة حدوثِ خَسارة، وذلك لأنَّ ضمانَ المضارِبِ لرأسمال المضاربة لا يجوز شرعًا، على أن يكونَ دفْعُ هذه الجوائز مِن أموال البنك، لا مِن أرباح حساباتِ الاستثمار، لأنَّ المضاربَ ليس له التبرُّع مِن أموال المضاربة. اهـ.
وعلى كل؛ فالأحوط هو اجتناب ذلك خروجا من الخلاف، ولا سيما إذا كان الحامل للمرء على فتح الحساب وإيداع المال هو الدخول في السحب لكسب الجوائز؛ لأنه يكون حينئذ مقامرا بما أودع، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة: 90 } .
والله أعلم.