الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن المبادرة إلى أداء الصلاة في أول وقتها أفضل؛ لما ورد في الصحيحين عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
لكن يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة إلى آخر وقتها، ما لم يخرج الوقت المحدد لها شرعا؛ لأن وقت الصلاة من الواجب الموسع؛ فقد روى النسائي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل فصلى به الصلوات الخمس في أول وقتها، ثم جاءه في اليوم الثاني فصلى به الصلوات في آخر وقتها، إلا صلاة المغرب فقد صلاها كاليوم الأول، ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما بين هذين وقت كله. صححه الألباني.
وروى الإمام أحمد في المسند وغيره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن وقت صلاة الصبح؛ فأمر بلالاً حين طلع الفجر فأقام الصلاة، ثم أسفر من الغد حتى أسفر، ثم قال: أين السائل عن وقت صلاة الغداة؟ ما بين هاتين أو قال: هذين وقت. وصححه الأرناؤوط.
ولذلك يجوز لك أن تؤخري صلاة الظهر وغيرها من الصلوات إلى آخر وقتها المختار، في الحالات التي ذكرت، وفي غيرها ما لم يخرج وقتها المختار، لكنك تفوتين على نفسك فضيلة أول الوقت.
وأما تعمد تأخيرها من غير عذر شرعي -كنوم، أو مرض- حتى يخرج وقتها المختار، ويدخل وقتها الضروري؛ فإن فاعله يأثم، لكن صلاته تعتبر أداء لا قضاء.
قال الحطاب المالكي: وَمَعْنَى كَوْنِهِ -الوقت- ضَرُورِيًّا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ أَصْحَابِ الضَّرُورَاتِ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَيْهِ، وَمَنْ أَخَّرَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ.. فَهُوَ آثِمٌ. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف: يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ بِلَا عُذْرٍ إلَى وَقْتِ الضَّرُورَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. انتهى.
ولمعرفة الوقت الاختياري والضروري لكل صلاة، انظري الفتوى رقم: 32380 . وسبق أن بينا في الفتوى رقم: 136972 أن من أخر الصلاة عن أول وقتها فمات في أثنائه قبل ضيقه، وهو عازم على أدائها، أنه لا إثم عليه.
والله أعلم.