الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى الشخص أن يضبط انفعالاته، وألا يسترسل مع غضبه فيدعو بالشر من حيث لا يريد وقوعه، ومن رحمة الله بعباده أنه لا يستجيب لهم كل ما يدعون به في هذه الحال؛ وإلا لهلكوا، قال تعالى: [ وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ]{يونس:11}.
قال ابن كثير رحمه الله: يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ حلمه ولطفه بعباده أنه لا يستجيب لهم إِذَا دَعَوْا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، أَوْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ أَوْلَادِهِمْ فِي حَالِ ضَجَرِهِمْ وَغَضَبِهِمْ، وَأَنَّهُ يَعْلَمُ منهم عدم القصد بالشر إِلَى إِرَادَةِ ذَلِكَ، فَلِهَذَا لَا يَسْتَجِيبُ لَهُمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، لُطْفًا وَرَحْمَةً كَمَا يَسْتَجِيبُ لَهُمْ إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم أو لأولادهم بِالْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَالنَّمَاءِ وَلِهَذَا قَالَ: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ الآية، أي لو استجاب لهم كلما دَعَوْهُ بِهِ فِي ذَلِكَ لَأَهْلَكَهُمْ وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي الْإِكْثَارُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثُ عن جابر قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم «لا تَدْعُوَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، لَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ لَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً فِيهَا إِجَابَةٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ» وهذا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ [الإسراء: 11] الآية، وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ الآية، هو قول الإنسان لولده أو ماله إِذَا غَضِبَ عَلَيْهِ: اللَّهُمَّ لَا تُبَارِكْ فِيهِ والعنه. فلو يعجل لهم بالاستجابة في ذلك ما يستجاب لهم في الخير لأهلكهم. انتهى بتصرف.
وإذا علمت هذا؛ فإن دعاء الوالد على ولده في ساعة الغضب مما لا ينبغي كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله، ويخشى أن يأثم الشخص بذلك لمخالفته نهي النبي صلى الله عليه وسلم، ولاعتدائه في الدعاء؛ وبخاصة إذا كان الولد لا يستحق الدعاء عليه، والمرجو من فضل الله ألا يستجيب مثل هذا الدعاء، ولتنظر الفتوى رقم: 300277.
والله أعلم.