الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الحديث عن سن الرشد يجب أن يسبق ذلك الحديث عن سن البلوغ وأهلية المرء فيه، إذ لا يعتبر الرشد إلا بعد البلوغ.
فسن البلوغ هي خمس عشرة سنة، وقد يكون قبل ذلك إذا ظهرت أي من العلامات الأخرى التي سبق تفصيلها في الفتوى رقم:
10024.
وقد اتفق الفقهاء على أن البالغ يصبح مكلفاً بجميع التكاليف الشرعية، فيطالب بأركان الإيمان الستة، وبأركان الإسلام الخمسة وغيرها من الواجبات كما يطالب باجتناب المحظورات الشرعية.
كما ترتفع عنه الولاية التي كانت عليه، كالتأديب والتطبيب والتعليم، فيصح زواج الذكر وطلاقه، وتستأذن البكر، وتبقى الولاية الحالية عليه، فلا ترتفع عنه إلا ببلوغه الرشد، لقول الله تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6].
فعلقت الآية دفع المال إليهم على حصول شرطين: البلوغ والرشد.
فما هو الرشد وكيف يعرف ومتى يكون؟
الرشد هو: حسن التصرف في المال، والقدرة على استثماره واستغلاله استغلالاً حسنا.
وعكس الرشد: السفه، وهو: التبذير للمال وإنفاقه في غير حكمة، ويعرف الرشد بالاختبار، قال
القرطبي في تفسيره:
قال علماؤنا وغيرهم: لا بأس أن يدفع إليه شيئاً من ماله يبيح له التصرف فيه، فإن نماه وحسن النظر فيه فقد وقع الاختبار.
والرشد قد يأتي مع البلوغ، وقد يتأخر عنه قليلاً أو كثيراً تبعاً لتربية الشخص واستعداده وتعقد الحياة الاجتماعية وبساطتها، فليس له سن عند جمهور الفقهاء.
فإذا بلغ الشخص رشيداً كملت أهليته، وارتفعت عنه الولاية المالية، فتسلم إليه أمواله باتفاق الفقهاء، وإذا بلغ غير رشيد لم تدفع إليه أمواله حتى يتحقق رشده، رعاية لمصلحته، ومحافظة على ماله.
والله أعلم.