الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دام الحال كما ذكرت من كونك تعتقدين وجوب الترتيب، فإن الصورة التي تأتين بها ليست مرتبة، وإنما يحصل الترتيب بقضاء الفوائت مرتبة بادئة بالظهر، ثم العصر، ثم المغرب، منتهية بالصبح، وهكذا، وانظري الفتوى رقم: 152031، ثم إن من علماء المالكية من يرى جواز الاقتصار على صلاة يومين في يوم، وأن هذا لا يعد تفريطا، ومنهم من يرى أنه يقضي بحسب استطاعته. وما دمت تأخذين بقول من يرى أنك تقضين صلاة يومين في يوم، فيسعك هذا إن شاء الله.
وكيفية القضاء تكون بأن تنظري وقت فراغك، فتبدئين بالظهر ثم العصر وهكذا، حتى تتمي هذين اليومين، وسواء قضيتهما في وقت واحد، أو في أوقات مختلفة في اليوم، والمقصود أن يحصل قضاء اليومين.
قال في مواهب الجليل، مبينا كيفية القضاء لمن عليه فوائت كثيرة: وَإِنْ ذَكَرَ صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً، صَلَّاهَا عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ كَمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَذَهَبَ فِي حَوَائِجِهِ، فَإِذَا فَرَغَ صَلَّى أَيْضًا حَتَّى يُتِمَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ، وَيُصَلِّيَ صَلَاةَ اللَّيْلِ فِي النَّهَارِ، وَيَجْهَرُ، وَصَلَاةَ النَّهَارِ فِي اللَّيْلِ، وَيُسِرُّ. ابْنُ نَاجِي: أَرَادَ بِقَوْلِهِ: وَذَهَبَ فِي حَوَائِجِهِ: أَيْ الضَّرُورِيَّةِ، وَظَاهِرُهَا أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا مَعَ الْقُدْرَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ عَلَى التَّرَاخِي، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْضِيَ يَوْمَيْنِ فِي يَوْمٍ وَلَا يَكُونُ مُفَرِّطًا، قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ، وَحَكَاهُ التَّادَلِيُّ. انتهى.
وبهذا التقرير يندفع ما سألت عنه في مسألة الحيض؛ لأنك في اليوم الذي تطهرين وتغتسلين فيه، ستصلين صلاة يومين بالصفة المبينة، فلا إشكال إذاً، ولكننا ننبهك إلى أنه لا يجوز لك تأخير الغسل بعد رؤية الطهر، ويجب عليك المبادرة به، وبالصلاة على ما نفتي به، ومن العلماء من يرى أن لك أن تؤخري اليوم ونصف اليوم، إذا رأيت الطهر بالجفوف؛ لأن عادة الدم أنه يجري وينقطع، وما نفتي به أحوط، وانظري الفتوى رقم: 118817، فإذا بادرت بالغسل والصلاة، لم تكن عليك صلوات فوائت يلزمك قضاؤها. وننبهك كذلك إلى أنك حيث أخطأت في الترتيب بين الصلوات، فيسعك الأخذ بقول من لا يوجبه، ومن ثم تعتدين بصلواتك السابقة فإن هذا أرفق بك، والقول بعدم وجوب الترتيب قول أئمة كبار، وله قوة واتجاه، وانظري الفتوى رقم: 134759.
والله أعلم.