الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح إطلاق القول بجواز دراسة أختك وزميلتها على هذا الحال، نعني في الشقة بوجود المعلم والآخر، بل قد يكون هذا بابا عظيما من أبواب الفتنة، فقد شدد الشرع في دخول الرجال على النساء، ففي الحديث المتفق عليه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت . وراجع في معنى هذا الحديث الفتوى رقم: 65627.
نعم، ورد ما يدل على جواز خلوة الرجل بالمرأة إذا كان معه آخر، ولكن هذا له قيوده، ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر فقال: لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان. قال النووي في شرح الحديث المذكور: ثم إن ظاهر هذا الحديث جواز خلوة الرجلين أو الثلاثة بالأجنبية، والمشهور عند أصحابنا تحريمه، فيتأول الحديث على جماعة يبعد وقوع المواطأة منهم على الفاحشة لصلاحهم أو مروءتهم أو غير ذلك، وقد أشار القاضي إلى نحو هذا التأويل. اهـ.
فإن كانت هنالك حاجة حقيقية لدراسة أختك وزميلتها هذه المادة على هذا الرجل، وتوفرت هذه الضوابط التي ذكرها العلماء، وأمنت الفتنة، جاز لهما ذلك وإلا حرم. ومهما أمكن أن تتلقيا هذا الدرس في معهد أو أي مؤسسة تعليمية تؤمن فيها الفتنة فهو أولى، فالسلامة لا يعدلها شيء.
وهذا اللفظ الذي ذكره والدك:" اطلبوا العلم ولو في الصين " قال عنه الإمام العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: حديث: اطلبوا العلم ولو بالصين. أخرجه ابن عدي والبيهقي في المدخل والشعب من حديث أنس. وقال البيهقي: متنه مشهور وأسانيده ضعيفة. اهـ. وقال الإمام المناوي في فيض القدير: قال ابن حبان: باطل لا أصل له، والحسن ضعيف، وأبو عاتكة منكر الحديث. وفي الميزان أبو عاتكة عن أنس مختلف في اسمه مجمع على ضعفه.. وحكم ابن الجوزي بوضعه ونوزع بقول المزي: له طرق ربما يصل بمجموعها الحسن. اهـ. فهو مختلف في قبوله من عدمه، وعلى فرض كونه مقبولا فالاستدلال به هنا في غير محله.
وننبه إلى خطورة الفتوى بغير علم، ففي ذلك وعيد شديد، وسبق أن بيناه في الفتوى رقم: 14585.
والله أعلم.