الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمعاصي -حتى الكبائر منها- ليست كفرا وإنما هي فسق، ولكن يعظم خطرها حين تكون على وجه الاستحلال، أو الاستخفاف بمن حرمها، ونحو ذلك مما يناقض الإيمان، ويخلع ربقة الإسلام، ولذلك فإن من قالت هذا الكلام يخشى عليها الزيغ عن دين الله تعالى، لما يُفهم من كلامها من الاستخفاف بمقام الرسول صلى الله عليه وسلم، واستحباب الحياة الدنيا على الآخرة، والعياذ بالله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الصارم المسلول): إذا كان المخالف عن أمره صلى الله عليه وسلم قد حذر من الكفر والشرك، أو من العذاب الأليم، دل على أنه قد يكون مفضيا إلى الكفر، أو إلى العذاب الأليم. ومعلوم أن إفضاءه إلى العذاب، هو مجرد فعل المعصية، فإفضاؤه إلى الكفر، إنما هو لما قد يقترن به من استخفاف بحق الآمر، كما فعل إبليس. اهـ.
وهذه الحال تخالف حال من يقع في المعصية، ويؤثر هوى نفسه، وتغلبه شهواته، وهو مع ذلك كاره للمعصية، مستاء من مقارفتها، راغب في مفارقتها، مُعَظّم للناهي عنها، منقاد لشرعه. فمثل هذا معه أصل الإسلام، ومطلق الإيمان. فلا يخرج من الملة بذنب اقترفه، وإن كان مُصِّرا على بعض الكبائر.
وراجع الفتوى رقم: 290677، والفتوى رقم: 130184.
والله أعلم.