الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجمهور أهل العلم لا يجوِّزون إجارة الحيوان لأجل الضِراب (التلقيح)، وهذا هو الراجح، الموافق لظاهر السنة؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن عسيب الفحل. رواه البخاري وغيره.
هذا، مع ما في بيع ماء الحيوان لأجل اللقاح، من الغرر والجهالة، فهو من قبيل بيع المعدوم، ولذلك نص الجمهور على حرمة ثمن مائه، وبطلان بيعه؛ لأنه غير معلوم ولا متقوم، ولا مقدور على تسليمه. وهذا يدخل في: نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع المضامين، والملاقيح، وحبل الحبلة. رواه الطبراني وصححه الألباني. والمضامين: ما في البطون من الأجنة. والملاقيح: ما في أصلاب الفحول. وحبل الحبلة: نتاج النتاج.
وراجع للفائدة، الفتاوى التالية أرقامها: 52039، 24434، 122852.
وهناك ملمح آخر في حكمة النهي عن ذلك، وهو ما ذكره الدهلوي في (حجة الله البالغة) فقال: مخالطة النجاسة كالميتة والدم، والسرقين والعذرة فيها شناعة وسخط، ويحصل بها مشابهة الشياطين، والنظافة، وهجر الرجز من أصول ما بعث النبي صلى الله عليه وسلم لإقامته، وبه تحصل مشابهة الملائكة، والله يحب المتطهرين. ولما لم يكن بد من إباحة بعض المخالطة، إذ في سد الباب بالكلية حرج، وجب أن ينهى عن التكسب بمعالجته والتجارة فيه، وفي معنى النجاسة الرفث الذي يستحيا منه كالسفاد، ولذلك حرم بيع الميتة، ونهى عن كسب الحجام .. وعن عسب الفحل، ويروى وضراب الجمل. ورخص في الكرامة، وهي ما يعطى من غير شرط. اهـ.
وفي هذا جواب للسؤالين الأولين، فلا يجوز اشتراط أخذ شيء من أولاد هذا القط، ولا اشتراط مقابل مادي نظير ضِرابه.
وأما السؤال الثالث، فجوابه: أن بيع القطط محل خلاف بين أهل العلم، فذهب الجمهور إلى جوازه، وذهب بعض أهل العلم إلى تحريمه وهم الظاهرية، وحكاه أهل العلم عن أبي هريرة ومجاهد وجابر بن زيد وطاووس. ونصره ابن القيم وغيره من المحققين. وهو الذي نفتي به؛ لما في صحيح مسلم عن أبي الزبير قال: سألت جابراً عن ثمن الكلب والسنور؟ قال: زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وراجع في ذلك الفتويين: 18327، 139979.
والله أعلم.