الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى الجمع بين بر الأبوين والأجداد، ولكن الوالدين المباشرين مقدمان في البر والطاعة على الأجداد عند التعارض؛ لأن الوالدين هما السبب المباشر لوجود الشخص بقدرة الله عز وجل، ولهذا يأتي حقهما في الذكر بعد حق الله تعالى مباشرة، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23]، وقال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى [النساء:36]، وبعد الوالدين يأتي حق ذي القربى.
وتقدم الأم على الأب ثم الأدنى فالأدنى من الجدات والأجداد.. لما رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك أدناك.
ولفظ الوالد يشمل الأجداد والجدات؛ جاء في الموسوعة الفقهية: والأبوان: هما الأب والأم، ويشمل لفظ (الأبوين) الأجداد والجدات، قال ابن المنذر: والأجداد آباء، والجدات أمهات، فلا يغزو المرء إلا بإذنهم، ولا أعلم دلالة توجب ذلك لغيرهم.
وقال النووي في شرح مسلم يجعل الأبناء بعد الأبوين؛ فيقدمهم على الأجداد فيقول رحمه الله: وَتَرَدَّدَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْأَجْدَادِ وَالْإِخْوَةِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ. قَالَ أَصْحَابُنَا: يُسْتَحَبُّ أَنْ تُقَدَّمَ فِي الْبِرِّ الْأُمُّ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْأَوْلَادُ ثُمَّ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ ثُمَّ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ ثُمَّ سَائِرُ الْمَحَارِمِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ.
وانظر الفتوى رقم: 22766 والفتوى رقم: 26510
والله أعلم.